أحمد المالكي| كاتب متخصص بالعلاقات الدولية والقضايا السياسية
تحاول إدارة الرئيس الأمريكي بايدن تبرير الضعف الأمريكي مع إيران خاصة إن إدارة الرئيس بايدن فشلت في التعامل مع النظام الإيراني بحسم وفي نفس الوقت الذي قررت الولايات المتحدة زيادة عدد قواتها في مياه الخليج لتأمين السفن بسبب اعتداءات الحرس الثوري واستخدام القرصنة في الممرات المائية تفرج الولايات المتحدة عن ٦ مليارات من الدولارات المجمدة من اموال النفط الإيراني لدى كوريا الجنوبية مقابل الإفراج عن خمسة إيرانيين يحملون الجنسية الامريكية تصنيفهم لدى الخارجية الامريكية مظلومين واحتجزتهم إيران لاغراض سياسية.
الأموال الايرانية التي افرجت عنها الولايات المتحدة هي اموال جاءت نتيجة حوار اوسع بين الولايات المتحدة وإيران في مناقشة كل القضايا على هامش مناقشة البرنامج النووي الإيراني في اتفاق غير مكتوب بحسب مسؤولين من الجانبين وجاءت صفقة الإفراج عن الامريكيين لدى إيران والافراج عن إيرانيين في الولايات المتحدة بعيدا عن السياسة الامريكية اتجاه إيران بحسب وزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكن وهذه سياسة تنتهجها ادارة بايدن مع إيران الذي يستخدم الردع والضغط والدبلوماسية.
الولايات المتحدة خرجت من الاتفاق النووي في إدارة الرئيس السابق ترامب وهذا جعل إيران تتصرف بحرية في برنامجها النووي وتزيد من تخصيب اليورانيوم لإنتاج اسلحة نووية خاصة إن الرئيس ترامب كان يستخدم سياسة العقوبات وكان ينوي ضرب إيران لكن إدارة بايدن ترى ان خروج الولايات المتحدة من الاتفاق كان خطأ لانه سوف يزيد من مخاطر انتاج إيران سلاح نووي وبحسب تقارير نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال ان ايران ابطأت تخزين اليورانيوم بدرجة اقل من المستخدم في إنتاج الاسلحة وخفضت بعض مخزونها ورغم عدم التأكيد الامريكي لهذه التقارير المنشورة الا إن وزير الخارجية الامريكي بلينكن رحب بأي خطوة من إيران لكبح تهديد إيران المتزايد منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق.
صفقة الإفراج عن امريكيين والإفراج عن ٦ مليارات من الدولارات اغضبت بعض السياسيين في الولايات المتحدة وعبروا عن قلقهم ان هذه الاموال يمكن ان تستخدمها إيران في برنامجها النووي بالإضافة إلى اعطاء هذه الاموال مليشياتها الإرهابية في المنطقة وتهديد الأمن ومصالح الولايات المتحدة و يمكن ان تشجع إيران على خطف الامريكيين مقابل الإفراج عن اموال مجمدة اخرى لكن يظل الدعم الإيراني لروسيا بالطائرات المسيرة من طراز شاهد محل نقاش بين الولايات المتحدة وروسيا وهذا ما اعلنت عنه صحيفة فاينانشال تايمز الامريكية ان امريكا طلبت من إيران عدم تزويد روسيا بالطائرات المسيرة وعدم تزويدها بقطع غيار هذه الطائرات لكن ماهي التنازلات التي يمكن ان تقدمها الولايات المتحدة لإيران إذا قررت التخلي عن فكرة تزويد روسيا بالطائرات المسيرة من طراز شاهد؟.
بالطبع إيران تعاني من ازمة اقتصادية كبيرة بسبب العقوبات الامريكية لكن الاموال التي سوف تفرج عنها الولايات المتحدة المجمدة الخاصة بإيران سوف يساعد إيران في توفير احتياجات البلاد واستخدامها في التخفيف عن الشعب الإيراني الذي يدفع ثمن تعنت النظام والإصرار على إنتاج سلاح نووي والمضي قدما في البرنامج الصاروخي وعدم التخلى عن طموحاته في السيطرة على المنطقة.
إدارة بايدن تحاول التوصل إلى اتفاق مع إيران يحسب لها لكن ماذا لو خسر بايدن الانتخابات الرئاسية وعاد ترامب ؟..ترامب معروف بنهجه المتشدد وسياسته العنيفة مع إيران وسوف يمارس سياسة الردع والضغط بدون الدبلوماسية مع إيران خاصة إن ترامب يرى ان بايدن جعل الولايات المتحدة اضحوكة العالم.
إيران من مصلحتها ان تستغل وجود بايدن لتحقيق مكاسب للإفراج عن المزيد من الاموال قبل عودة ترامب او تولي رئيس آخر قد يتشدد مع إيران ولن تستطيع الإفراج عن مزيد من الأموال.
الولايات المتحدة تحاول استخدام الدبلوماسية مع إيران ظنا انه يمكن ان تتراجع إيران عن إنتاج سلاح نووي ربما تعطل إيران برنامجها بعض الوقت لكنها لديها رغبة في إنجاز برنامجها عندما يكون الوقت مناسبا لذلك والولايات المتحدة تعرف ان نظام الثورة الخمينية في إيران يمثل خطورة كبيرة على المنطقة والعالم ولذلك سوف تكون مستعدة لاي تحرك ايراني قد يهدد مصالحها وفي نفس الوقت لاتريد التشدد معها خاصة في الوقت الحالي لكن سوف تظل الولايات المتحدة تستخدم إيران في علاقتها بحلفائها في المنطقة وتستفيد ايضا ماديا من التعاون العسكري مقابل حماية دول تمثل إيران تهديدا لها ورغم ان هذا انتهى في ظل سياسة السعودية ودول الخليج الجديدة لكن تظل الولايات المتحدة تحاول تحسين علاقاتها مع حلفائها في الخليج من خلال بوابة إيران.
سياسة الردع والضغط والدبلوماسية الامريكية مع إيران التي عبر عنها وزير الخارجية الامريكية انتوني بلينكن سوف تظل قائمة الى ان تقرر امريكا ما يمكن ان يتم مع إيران إذا اصرت في استكمال مشروعها النووي وربما لن يكون امامها سوى سياسة الردع القوي من خلال عمل عسكري ضد إيران والقضاء على نظام خامنئي والثورة الخمينية.