قرر وزير التربية عباس الحلبي إطلاق العام الدراسي، واضعاً وزارته بمواجهة الأساتذة، كما يقول أعضاء روابط المعلمين، تعليقاً على المذكرات التي صدرت مساء أمس الإثنين حول بدء الأعمال التحضيرية للعام الدراسي في 14 أيلول الجاري.
..بمباركة حزبية
لم يؤجل الوزير إصدار هذه المذكرة إلى حين الاجتماع بروابط المعلمين. فأتى القرار مسبباً بلبلة في هيئات الروابط. واعتبر بعض أعضاء الروابط أن الوزارة تتعامل باستخفاف كبير مع الأساتذة، وغير مدركة لواقع الحال على أرض الواقع.
وعما إذا أخذ الوزير موافقة إصدار المذكرة من ممثلي المكاتب التربوية، خلال الاجتماع معهم الأسبوع الفائت، لفتت مصادر مطلعة إلا أن الاجتماع لم يتطرق لهذا الأمر. ليتبين أن الوزير أخذ تطمينات بإصدار مذكرة بدء الأعمال التحضيرية من حركة أمل وحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي.
لم يلتفت وزير التربية لحجم الاعتراض الكامن بين الأساتذة على فرض بدء العام الدراسي قبل تحديد حجم التقديمات التي تستطيع وزارته تأمينها لاستقرار العام الدراسي. أصدر تعاميم عدة من ضمنها تلك المتعلقة بأجور العاملين في المدارس على حساب صناديق المدرسة أو الثانوية، التي ارتفعت لتتماشى مع منح الموظفين رواتب أربعة إضافية على الرواتب الثلاثة السابقة. هذا رغم أن صناديق المدارس فارغة من الأموال، يقول مدراء لـ”المدن”، ولا يعرفون من أين سيأمنون الأموال للأجراء. وترافقت التعاميم مع تنبيهات تلقاها مدراء حول إدخال أساتذة متعاقدين العام الفائت قبل الحصول على الموافقة المكتوبة من وزير التربية. هذا رغم أن المناطق التربوية طلبت من المدراء تأمين متعاقدين العام الفائت لسد النقص الحاصل في مدراسهم.
تأديب الأساتذة
لكن حرب الوزارة على الأساتذة لم تقتصر على هذه التعاميم التي صدرت يوم أمس، بل تزامنت مع تسريب القرار 585، يوم أمس، والتي حصلت عليه “المدن”. وقضى القرار بحسم راتب 61 أستاذاً في التعليم الثانوي بسبب امتناعهم عن التعليم بعد فك روابط المعلمين الإضراب. فقد استند القرار على المرسوم الاشتراعي رقم 112 العائد للعام 1959 الذي يحظر على الموظف الإضراب أو تحريض غيره على الإضراب. ورغم أن عدد الأساتذة الذين استمروا بالامتناع عن التعليم حتى نهاية العام الدراسي الفائت، كان نحو مئتي أستاذ في الملاك، إلا أن الوزارة قررت معاقبة 61 أستاذاً، معظمهم من الناشطين في المطالبة بحقوق الأساتذة ومن الذين ينتقدون الوزارة والمسؤولين فيها على وسائل التواصل الاجتماعي. ما يعني أن قرار الحسم والمعاقبة سياسي، بدليل استثناء أساتذة ممتنعين من المحسوبين على الأحزاب السياسية في مناطقهم، كما يؤكد أساتذة تواصلت معهم “المدن”.
تسريب أسماء الأساتذة المعاقبين تأديبياً بحسم رواتبهم، المتزامن مع صدور التعاميم حول بدء العام الدراسي، وتنظيم حضور الهيئات التعليمية بين 14 ونهاية أيلول، لتسيير الأعمال في المدارس والثانويات، قرأها الأساتذة وأعضاء في روابط المعلمين أنها رسالة استخفاف من الوزير بمطالب الأساتذة على اعتاب الاستعداد لإطلاق العام الدراسي. فالوزارة أرادت تنبيه الأساتذة بأن عدم امتثالهم للحضور إلى الدوامات يعني تنفيذ عقوبات حسم راتب تأديبياً.
لا أموال للتقديمات
وتقول المصادر: الوزير الحلبي يريد إطلاق العام الدراسي إعلامياً، لتسجيل انتصار جديد يضاف إلى إنجاز الامتحانات الرسمية التي نجح فيها طلاب بنسبة فاقت 90 بالمئة، بما يشبه الانتخابات في الدول العربية. قد يظن المحيطين به أنهم يستطيعون تسيير العام الدراسي من خلال معاقبة أساتذة الملاك واستبدالهم بأساتذة متعاقدين. لكنهم لا يدركون، أو يتجاهلون، حجم النزيف في الأساتذة المتعاقدين. فنحو عشرين بالمئة من أساتذة التعليم الأساسي أبلغوا المدراء بعدم تجديد عقودهم، ونسبة كبيرة منهم أبلغوا الإدارات بتخفيض ساعاتهم، بغية الحفاظ على العقد ليس أكثر. أي فضلوا العمل في مجالات أخرى غير التعليم، بعدما باتت ساعة عملهم بمئة ألف ليرة.
الأساتذة لم يحصلوا على الرواتب الأربعة عن شهري تموز وآب، والمتعاقدون منهم لم يحصلوا على كامل بدلات أتعابهم عن العام الفائت. وجل ما حصلوا عليه للعام المقبل وعد بتخصيص الحكومة اللبنانية خمسة آلاف مليار ليرة لدفع حوافز لهم إضافية على رواتبهم، لتغطية ثلاثة أشهر. ورغم ذلك صدرت مذكرة بدء العام الدراسي وأحدث بلبلة ستنعكس حتماً في عدم امتثال الأساتذة لها بعد أسبوعين.
المصدر: المدن – الكاتب: وليد حسين