عامر خضر آغا
أطلَّ الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، أمس الجمعة، ليلقي خطابًا أضحى محط أنظار اللبنانيين وشعوب المنطقة لاسيما بعد انتشار فيديوهات ترويجية لنصرالله أثارت حفيظة فئة ملحوظة من اللبنانيين تأييدًا لردٍ رادع على اعتداءات الإحتلال الإسرائيلي في الجنوب، فيما أقلقت الكثيرين منهم مخافة من توسع رقعة الحرب القائمة مع ما سيستتبعها من عواقب وخيمة على سبل معيشتهم المستنفدة أساسًا، إلا أنَّ كلمة نصر الله جاءت لتوازي بين منع انزلاق لبنان نحو حرب شاملة ومدمرة من جهة وبين محافظته على جوهر عقيدته في مساندة الفصائل المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
تنصل نصر الله في بداية كلمته علانيةً من الاسهام المباشر في إطلاق معركة طوفان الأقصى و أنّ حزب الله بصورة أدق انخرط في هذه المعركة منذ اندلاعها لافتًا إلى أهمية مشاركة الحزب على الجبهة الجنوبية لما فيها من مساندة في تخفيف الضغط على المقاومة في قطاع غزة، مستطردًا في أنّ عمليات حزب الله في الجنوب هدفها منع اعتداء اسرائيل على لبنان برسالة للاحتلال مفادها أنه “سيرتكب أكبر حماقة في تاريخ وجوده إذا اعتدى على لبنان”. واصفًا أداء الحزب بالقول “معركتنا لم تصل لمرحلة الإنتصار بالضربة القاضية لكننا ننتصر بالنقاط”. ليحدد تحركات الحزب على الجبهة الجنوبية بتطورات الحرب على غزة ومدى تمادي قوات الاحتلال والإدارة الامريكية تجاه لبنان معلنًا جهوزية لمواجهة الأساطيل الأمريكية مشددًا على أنَّ كل الخيارات في هذا المجال مطروحة وأنه يمكن الذهاب إليها في أي وقت من الاوقات.
الحجيري: أتى الخطاب في الوقت المناسب
وأشار النائب ملحم الحجيري لموقع “حصرًا” إلى أنَّ، “لبنان متضرر بحرب وبدون حرب لأنه دولة محاصرة ومنهارة ونحن دائمًا معرضين للضرر و فيما لو استفردت إسرائيل بأي من قوى المقاومة سيكون الضرر لاحقًا على مجموعات المعارضة فلبنان بدائرة الضرر الأمريكي والإسرائيلي بشكل دائم وهناك خطر على المنطقة وحصار إقتصادي شامل والنظام اللبناني وجيشه لم يستطيعا تكوين قوة ردع باتجاه أطماع وتعديات العدو الاسرائيلي على مدى 75 عام وعندما كان هناك فصائل فلسطينية وأحزاب وطنية مقاومة ومن ثم ظهرت المقاومة الإسلامية استطاعت أن تحقق جزء من هذا الردع، ففي المنطق العملاني هي صاحبة القرار لأنها هي من قامت بالردع والجيش اللبناني بالقدرة جيش ضعيف لا يقبل بإعطائه القوة اللازمة ولا يسمح له بأن يدعم نفسه فأمر طبيعي جدًا أنَّ صاحب القرار في الدفاع عن الأرض في المعركة هي الفئة أو المجموعة التي تقوم فعلا بهذا الدور والجيش اللبناني لم يكف بهذا الدور وليس لديه القدرة على تأديته”.
وأضاف الحجيري، “أتى الخطاب في الوقت المناسب لأن هناك أمور كان لا بد من توضيحها أهمها ماذا تعني المعركة بالنسبة للبنان، لأن الإسرائيلي نواياه معروفة لاسيما أن لبنان ضمن أطماع إسرائيل الدائمة والمقاومة في هذه الحرب استطاعت أن تحقق أهدافا هامة بنظرة العالم والعرب والإسرائيليين للصراع وأهمية المعركة الحالية أنه لايوجد توازن قوى في المنطقة ولا على مستوى العالم، كون الغرب والولايات المتحدة الأمريكية تمتلك القدرات والهيمنة والقوة العسكرية الكبيرة فمن الطبيعي جدًا في معركتنا معهم أن يكون دورنا دور دفاع وصمود من أجل البقاء في الأرض ومحاولة تحسين الوضع القائم، وبغض النظر عن سنية حماس وشيعية حزب الله فإنَّ قوى المقاومة هويتها الأساسية هي المقاومة من أجل شعب لديه حقوق مهضومة وأرض مسلوبة، وأسرى في السجون.
أيوب: تداعيات الحرب غير المعلنة يدفع لبنان ثمنها
في المقابل، هناك من هو معارض لما يجري في الجنوب، ولم يتوقع أي جديد في خطاب نصر الله كونه لن يستطيع توسيع رقعة الحرب الراهنة، حيث جاء الخطاب وأكد رؤيتة هؤلاء بعد أن بدى نصرالله متهربًا بشكل واضح عن مسؤوليته فيما حل بإسرائيل في السابع من اكتوبر بتأكيده على عدم أخذ العلم مسبقا بما ستقوم به حماس ضد الاحتلال وهو ما تلمسه الجمهور المعارض في أنَّ حزب الله بات يخوض هذه الحرب ضمن معادلات شبه غامضة أبقى فيها أمل في توسيعٍ رقعة الحرب على المدى الطويل بصورة نسبية ومتقطعة ليتبين لهم أنَّ خلفية الحرب في الجنوب باتت محصورة في وقف العدوان على قطاع غزة وليس بشن حرب قاضية على إسرائيل وفي تدعيم الموقف الإيراني في المفاوضات الدولية ما أثار سخرية وسخط الكثير من اللبنانيين بعد المجازر الدموية التي ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة بالتزامن مع ما يعانيه لبنان من شلل سياسي وفقدانه لأبسط المقومات الاقتصادية والمالية ما يعني أنه لم يعد قادرا على تكبد أي خسائر أخرى وأنَّ حزب الله غير قادر على مواجهة إسرائيل وهزيمتها جذريًا ما يعني مضاعفة معاناة اللبنانيبن عمومًا وفي الجنوب خصوصًا دون أي نتيجة حاسمة والإضرار الأكبر في مصالح لبنان.
وفي سياق متصل، أكدت النائب غادة أيوب في حديث لموقع “حصرًا” أنَّ، “تكتل الجمهورية القوية لم يكن ينتظر خطاب نصر الله لاتخاذ موقف منه لأنَّ من يتكلم بإسم محور الممانعة لا يتكلم بإسم لبنان والشرعية اللبنانية، وبالتالي أكدَّ نصر الله في خطابه أن حزب الله هو ذراع من الأذرع الإيرانية في المنطقة بموقف برر فيه عدم دخول الحرب نافيًا التنسيق مع حركة حماس بما قامت به في بداية معركة طوفان الاقصى، ومن هنا سقطت كل الشعارات بإسم القضية الفلسطينية التي من خلالها حملوا السلاح على فترات في الداخل اللبناني.”
تضيف، “فقد سقط أكثر من عشرة آلاف شهيد مدني من أطفال ونساء وشيوخ وكهول وشباب فهل هناك أكثر من المجازر حتى ننتظر من يهب لنصرة القضية الفلسطينية التي اتخذوها شعار لتبرير وجودهم في المنطقة واتجه حزب الله لاتخاذ شعار الحرب الاستباقية كحجة لمساندة النظام السوري عندما تم استدعائه من محور الممانعة لأداء واجبه ، لذا فقط سقط القناع الذي كان بعض اللبنانيين مقتنعين به بأنَّ إيران ستكون المنقذ للقضية الفلسطينية لأن “حل الدولتين” الذي ينادي به كل الأشقاء العرب بمن فيهم المملكة العربية السعودية التي تعمل على تثبيت هذا الحل ليشكل وطن نهائي للشعب الفلسطيني لا يناسبهم إذ يمنع ضياعهم في ساحات وأوراق يستعملها البعض للجلوس على طاولة المفاوضات.”
تختم، “المؤسف اليوم أنَّ تداعيات الحرب غير المعلنة يدفع لبنان ثمنها بعملية إجلاء الرعايا الأجانب من لبنان ومفاقمة خطيرة للتداعيات الإقتصادية والنقدية بوجود شلل في إدارات ومؤسسات الدولة ووجود فراغ على مستوى رئاسة الجمهورية وغياب حكومة فاعلة واقترابنا من شغور في موقع قيادة الجيش.”
المصدر: حصرًا