على الرغم من ضرورة البنزين لعدة استعمالات فهناك من يكره رائحته بشدة وقد يشعره بالتقيؤ، بالمقابل هناك من يعشق هذه الرائحة على الرغم من أنها مادة كيميائية بحتة الاّ أنها تجذبه كرائحة عطر أخاذ أو طعام شهي!.
من وجهة نظر علمية يستخرج البنزين من البترول عن طريق التقطير، وهو خليط كيميائي يتألف من عدة مكونات مثل مواد التشحيم، مزيلات الجليد، المواد المضادة للصدأ، والهيدروكربونات مثل البيوتان، البنتان، الإيزوبنتان، إيثيل البنزين، التولوين، الزيلين، والمكوّن الرئيسي للبنزين هو البنزول وهذا الأخير يستخدم لزيادة مستويات الأوكتان في البنزين، مما يحسّن أداء المحرك وكفاءة الوقود، ورائحة البنزول هي السبب الذي قد يُفسّر انجذاب البعض إلى رائحة البنزين.
البنزول يتبخر بسرعة رغم أن رائحته قوية ومميزة. وخلال القرنين 19 و20، تم استعماله في مستحضرات ما بعد الحلاقة والمواد الهلامية الخاصة بالنظافة الشخصية، لمنحها رائحة عطرة، كما استخدم لنزع الكافيين من القهوة. وفيما بعد، توقفت هذه الاستخدامات بعد أن اكتشف العلماء أن البنزول يتحوّل إلى مادة مسرطنة إذا استنشق بتركيز عال. وفقاً لمجلة “ديسكوفر” العلمية.
هل استنشاق البنزين يخفف الملل؟
في هذا الصدد يشير الدكتور الإنكليزي آلان هيرش إختصاصي الطب العصبي والنفسي، أنه في الحقيقة لا يوجد تفسير علمي لهذه الظاهرة، وأن الفص الشمي هو جزء من الجهاز العصبي الطرفي الذي يتحكم في العواطف، وأن رائحة البنزين قد ترتبط لدى البعض بذكريات سعيدة، وعند استنشاقها تسترجع الذاكرة الوقائع فيشعر الشخص مجدّداً بالسعادة، وأما بعض الأشخاص فيعتقد أن استنشاق رائحة البنزين تخفف الملل، أو كوسيلة للهروب المؤقّت من المشاكل كما هو حال أي نوع من المخدرات او الكحول. ولكن الاستمتاع برائحة البنزين أثناء تعبئة خزان السيارة ليس خطراً، إنما الخطورة تكمن في الإدمان على هذا النّوع من الاستنشاق الذي يُصبح شبيهاً بالإدمان على تناول المخدرات أو الكحول، خصوصاً أنّ الحصول على البنزين أسهل بكثير ولا يُعدّ مخالفاً للقانون.
وتعتبر أبرز طرق التعرُّض للبنزين هي أماكن العمل في مصافي النّفط، مصانع المطاط، المصانع الكيميائيّة، الصناعات المرتبطة بالغازولين، مصانع الأحذية، محطات الوقود، رجال الإطفاء، فنيو المختبرات، والمطابع. ومن المنتجات التي تحتوي على بنزين مثل الدّهانات، مواد التّشحيم، الأصباغ، المنظفات، المبيدات الحشريّة، الغراء، والمذيبات. وأيضاً يمكن استنشاق البنزين من التّلوث نتيجة التّعرّض لعوادم السّيارات، انبعاثات المصانع، مياه الصّرف الصّحي، دخان السّجائر. كما يمكن أن يوجد في مياه الشّرب الملوّثة، لذلك تسعى الكثير من المنظمات لتحديد نسب تعرّض البشر للبنزين.
بالإضافة إلى أن التعرض قصير المدى لاستنشاق البنزين يؤثر على تلف الجهاز العصبي للإنسان بفترة أسرع، وتظهر الأعراض بعد 5 دقائق، ومنها السّعال، القيء، الارتباك، النّشوة، الشّعور بالخدر، الهلوسة، صعوبة في الكلام، تباطؤ ردود الفعل، الدّوخة، الشّعور بالخفة، عدم القدرة على اتخاذ القرارات، ضعف العضلات، زيادة الرّغبة بالثّرثرة.
ومن أبرز المخاطر التي تصيب المدمن على استنشاق البنزين ما يلي: نزف الدماغ، اضطراب ضربات القلب وضغط الدّم، تلف الكبد والكلى، مشاكل بالجهاز التنفسي والتهابات رئوية، ضعف جهاز المناعة، تشوهات بالدم، الصداع المزمن، الشعور الدائم بالتعب، نزيف الأنف، الإجهاض، ولادة أطفال قليلي الوزن، التّشنج، غيبوبة.
كما ان إدمان تنشق رائحة البنزين يؤدي إلى مشاكل عائليّة وماليّة، وإلى الموت أحياناً، حيث أن معدل 100 شخص توفي من استنشاق البنزين بين عامي (1981م – 2003م) في أستراليا وحدها.
أعراض تظهر على مدمني شم البنزين ومنها: ظهور رائحة البنزين في النَّفَس والملابس، اهتزاز الجسم اللاإرادي، العدوانيّة، جنون الارتياب، فقدان الذّاكرة، وفقدان الوعي المؤقت، انعدام التّنسيق والحماقة، تقلُّب المزاج، فقدان الشّهية، عدم القدرة على النّوم، الرّغبة الشّديدة في الثّرثرة، عدم القدرة على الاستقرار في العمل، الشّعور الدّائم بالتعب. طفح جلدي حول الأنف أو الفم. الكذب. عدم القدرة على تلبية الالتزامات الأسريّة والاجتماعيّة اضطراب الشّخصيّة. وبما ان استنشاق رائحة البنزين لها أضرارها المميتة على الصحة فلا بدّ من الإقلاع عنها ولو بمشقة وصبر ليحصل التعافي، ومن أهم الأعراض شيوعاً عند انسحاب مادة البنزين من الجسم هي الأرق، القلق، التّهيج، التّشوش الذّهني، تقلّب المزاج، نقص الشّهية، الاكتئاب.