أحمد المالكي| رئيس مركز شئون دولية باللغة العربية للدراسات السياسية و الإعلامية
عادت المحادثات السعودية الأمريكية في مجال الدفاع من جديد إلى الواجهة بعد توقفها في أكتوبر الماضي بعد هجمات حماس على إسرائيل ويبدو أن الولايات المتحدة تصر على استمرار هذه المحادثات في ظل رغبة المملكة العربية السعودية في إيقاف الحرب على قطاع غزة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على حدود 1976م وتضغط الولايات المتحدة بقوة على إسرائيل لإيقاف الحرب الغاشمة على المدنيين في قطاع غزة بحجة محاربة حماس والقضاء عليها وترفض المملكة العربية السعودية أية محادثات في مجال الدفاع مع الولايات المتحدة الأمريكية لاتخدم رؤيتها للسلام في منطقة الشرق الأوسط خاصة أن السعودية تسعى إلى حل العديد من القضايا في المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية كما أنها تسعى إلى إنهاء أية محاولات من إيران لتهديد أمنها وأمن جيرانها وهي ترفض طوال الوقت السلوكيات الإرهابية التي تمارسها إيران وميليشياتها في المنطقة ورغم التقارب السعودي الإيراني برعاية صينية إلا أن هذا التقارب له محاذير ومنها علاقات المملكة العربية السعودية في المستقبل مع الولايات المتحدة وإسرائيل لكن المملكة العربية السعودية تحاول بناء علاقات مع الجميع دون محاذير أو خطوط حمراء وهي دولة تسعى إلى بناء شراكات استراتيجية واقتصادية أوسع مع دول عديدة لخدمة شعبها وجيرانها العرب والخليجيين.
السعودية دولة كبيرة ورؤيتها للسلام أعمق وعلاقاتها مع الولايات المتحدة متجذرة في التاريخ منذ القدم وبنت شراكات هامة في مجالات مختلفة على مدى سنوات وهي بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية هامة وشريكة تستورد منها السلاح بكميات كبيرة وهذا يخدم الاقتصاد الأمريكي ولذلك تسعى الولايات المتحدة ايجاد حلول لخدمة الرؤية السعودية الدفاعية وعلى رأسها المشروع النووي السعودي السلمي والذي تحاول بعض وسائل الإعلام والأشخاص الكارهين التشكيك فيه والتأكيد الغير صحيح والغير دقيق أن السعودية تسعى إلى استخدام النووي في غير اغراض سلمية كما تحاول إيران فعل ذلك والسعودية أيضا تعرضت إلى تهديدات من إيران وفي السنوات السابقة استهدفت جماعة الحوثي السعودية بالصواريخ والمسيرات ووقفت الولايات المتحدة موقف غير أخلاقي ولم تتحرك كما تتحرك اليوم بعد تهديدات الحوثيين حركة الملاحة في باب المندب والبحر الأحمر وهي تحاول معالجة أخطاء الماضي مع السعودية من خلال إبرام اتفاق دفاعي قوي مع المملكة العربية السعودية يفضي إلى تقديم الدعم إلى السعودية ومساندتها في حالة تعرضها إلى هجمات والمملكة تدرك أهمية هذا الأتفاق لكن يبقى النقطة الأهم وهي التي ربما تعطل أي اتفاق في الوقت الحالي وهي نقطة التطبيع مع إسرائيل في ظل الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة ورغم أن البعض يرى أن إقامة الدولة الفلسطينية في الوقت الحالي صعب جدا وربما تضطر السعودية بالتنازل في الوقت الحالي عن أهمية إقامة الدولة الفلسطينية لكن تصر السعودية من خلال تصريحات المسؤولين السعوديين على إقامة الدولة الفلسطينية قبل اي قبول للتطبيع مع إسرائيل وان هذا الشرط أساسي ويحاول المسؤولين الإسرائيليين الترويج أن التطبيع مع السعودية قادم حتى لو لم تعترف إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية وهذا ما ترفضه السعودية التي تعتبر القضية الفلسطينية قضية مركزية لها وهي قضية العرب والمسلمين ورغم تفهم السعودية وجهة النظر الإسرائيلية حول تعرض إسرائيل لمخاطر من هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر الماضي إلا أن إسرائيل بتدخلها في قطاع غزة وتدمير القطاع لايخدم اي رؤية للسلام وهذا ما يغضب السعودية في الوقت الحالي من التصرفات الإسرائيلية التي تهدد أمن المنطقة وخاصة الحليفة والشقيقة مصر واعلنت المملكة دعمها لمصر من خلال وزير الخارجية السعودية وهناك تنسيق وتشاور مصري سعودي مستمر في ظل الاستفزاز الذي تتعرض له مصر من إسرائيل وإصرار إسرائيل على احتلال محور فيلادلفيا والذي يهدد اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.
السعودية بقيادة الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان يعملان دائما مع الشركاء والحلفاء لإنهاء النزاعات والحروب التي تؤثر على رؤية السعودية في إحلال السلام والأمان في المنطقة والعديد من الدول وهذا هو نهج السعودية لكن في بعض الأوقات تتسبب السياسية الأمريكية المضطربة في زيادة النزاعات والصراعات والتخبط الذي تتعرض له إدارة الرئيس الأمريكي بايدن هو السبب فيما يحدث اليوم في غزة والعديد من الدول وإدارة بايدن هي أضعف إدارة امريكية حتى اليوم في تاريخ الولايات المتحدة بعد التنازل عن الكثير من المحظورات لإيران والافراج عن الأموال الإيرانية التي ذهبت إلى المليشيات التابعة لإيران بالإضافة إلى أن الحرب التي تشنها إسرائيل تتوسع كل يوم وامتدت إلى سوريا ولبنان والعراق واليمن ولا احد يعلم مدى التوسع في هذه الحرب إلى أين يمكن أن يمتد ويؤثر على المنطقة ولذلك تقع على الولايات المتحدة مسؤولية كبيرة في الضغط على إسرائيل لإيقاف الحرب كما أنها يمكن أن تجعل السعودية وسيطا هاما في المحادثات مع إيران من خلال محاولات إقناع إيران بالتوقف عن استخدام مليشياتها لتهديد الملاحة في البحر الأحمر وايضا التوقف عن استهداف الجنود الأمريكيين كما يحدث في العراق وسوريا وحدود الاردن ورغم أن إيران تنفي علاقتها بمقتل جنود أمريكيين بدعم ايراني لكن تظل إيران متحكمة في مليشاتها وهي التي تستخدمها لتهديد الولايات المتحدة وحلفائها.
السعودية اليوم في ظل تمسكها بإقامة الدولة الفلسطينية وانهاء الحرب على قطاع غزة تخدم السلام في المنطقة خدمة كبيرة وتبدي استقرار المنطقة على مصلحتها وهذه هي اخلاق الكبار الذين لايسعون لتحقيق مصالحهم على حساب الآخرين والادارة الأمريكية والرئيس الأمريكي بايدن بحاجة إلى ممارسة مزيد من الجهود والضغوط على إسرائيل لإيقاف الحرب والعودة إلى طاولة المفاوضات التي يجب أن تؤدي في النهاية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وأيضا سلام حقيقي عادل ودائم في المنطقة.
الولايات المتحدة تحاول أن لاتخسر علاقتها مع المملكة العربية السعودية وتدرك أن هذه العلاقة هي أكبر مكسب للولايات المتحدة والطموح السعودي في التغيير إلى الافضل جعل الولايات المتحدة تسعى إلى التعاون مع المملكة العربية السعودية أكثر من أي وقت مضى وربما هذا يسهل من تسويق الإدارة الأمريكية داخل المؤسسات الأمريكية وعلى رأسها الكونجرس المساعي الأمريكية للتعاون الدفاعي مع السعودية وأهمية إقامة الدولة الفلسطينية لكي تقوم السعودية بالتطييع مع إسرائيل وتشجيع الدول العربية الأخرى للتطبيع مع إسرائيل والتي قد تخشى من القدوم على هذه الأمر ربما تستطيع أن تحذو في المستقبل إلى هذه الخطوة إذا قامت السعودية بالتطييع مع إسرائيل.
المصدر: حصرًا