“الحقوق ترجع لأصحابها والدنيا تدور” إحدى العبر والحكم التي ظهرت في المسلسل الرمضاني “من شارع الهرم الى… انتاج شركة “ايغل مكيميز”، وتأليف هبة مشاري حمادة ، وإخراج المثنى صبح. تحت المظلة الفنية للممثلة هدى حسين وباقة من ألمع نجوم العرب كَالممثلة نور الغندور، ومرام البولشي، وعبد محسن وآخرون. حظي المسلسل باهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي منذ لحظة عرض اسمه الذي اعتبر مثيراً للجدل وصولا للحلقة الاخيرة بقفلة صادمة.
“عبلة”، طبيبة نسائية كويتية، متحكمة بأبنائها الأطباء الستة الذين يعيش كلّ منهم حياته الخاصة مع زوجته. تتعرض العائلة لمشاكل عاطفية وغيرها عندما تستدعي ربّة الأسرة راقصة شعبية من مصر إلى الكويت لإحياء حفل زفاف أحد أبنائها، لكن الأخيرة تسعى للبقاء في منزل الأسرة لدوافع شخصية فتتغير حياة العائلة.
بداية المسلسل عكسية، إذ لعبت الممثلة المصرية نور الغندور دور “كريمة”، الراقصة الشعبية، التي تروي الأحداث بنمطٍ تعبيري وتأمّل، أثناء غرقها، ويرافق هذا المشهد جميع حلقات المسلسل بحوار مختلف لتجسيد مكامن الحلقة المعنية فيه.
تضمن المسلسل مشاهد مثيرة للجدل وعلى أعلى مستويات، كمشهدٍ تبرّر فيه البطلة هدى حسين الخيانة الزوجية لابنها ناصر الدوسري بدور “معن” بعدما كشفته زوجته فرح الطراف بدور “نوف”. وفي مشهدٍ آخر للممثل أحمد بدور طبيب التجميل “زهير” وهو يطلب من زوجته “لبنى” ارتداء لباس البحر “البيكيني” بهدف الترويج لعيادته بعد إجرائه عملية تجميل لجسدها ، فَبدورها هذا كامرأة تواجه مشاكل في تقبل وزنها وجسدها، أثارت الممثلة اللبنانية ليلى عبد الله الجدل وهي تخلع ملابسها بالكامل، إلا أنه قد تم حذف المشهد من الحلقة، على الرغم رغم من اضاءته على حالة اجتماعية منتشرة وهي الهوس في الحصول على الجسم المثالي. إضافة إلى حوار لنوف ورشا بأداء الممثلة لولوة الملا عن حقوق المرأة في المجتمع الذي وصفه البعض بـ”المطالبة للنسوية”.
كل هذا الجدل حول المسلسل باعتباره مسيئاً للمجتمع العربي عامة والكويتي والمصري خاصة، مشوهاً لعاداته وتقاليده، ادى إلى إطلاق شعار ” #نرفض مسلسلات الفسق والفجور” ، بغية وقف المسلسل الذي وصل صداه إلى مجلس الأمة الكويتي، الذين طالبوا وزارة الإعلام بالتحرك لوقف المسلسل وسحب التراخيص من الشركة المنتجة، مع العلم أن المسلسل قد صوّر في الإمارات العربية المتحدة.
لم تكن أحداث المسلسل مثيرة للجدل فحسب، بل شخصياته كذلك ايضا، فيما اعتبرها البعض جريئة وتحمل في طياتها قضايا من المجتمع، بينما آخرون اعتبروها بأنها عرض لشتى أنواع الرذائل بشخصيات كالزاني والديوس المياّل للشذوذ والخائن والمتطرف والبخيل وما يلقب بالـ”خاروف”، وكل منهم يمثل شخصية من شخصيات أبناء عبلة بِشخصيتها القيادية المتقنة، فضلاً عن شخصية نور الغندور، “كريمة”، التي لاقت انتقادات كثيرة حول دورها بدعوى تشويه سمعة المرأة العربية عامة والمصرية خاصة، فطلب النائب حمدان العازمي بمنع دخولها إلى الكويت واصفاً المسلسل بِالهابط، بدورهم عبّر المصريون عن استيائهم من الصورة التي يعرضها المسلسل حول المرأة المصرية كراقصة تبحث عن المال.
إلا أن الغندور قد أشارت إلى أن “كريمة” ليست شخصية سيئة ولا تستهدف إهانة المرأة بشكل عام، بل قد تكون واقعية تعاني من ظروف صعبةاوصلت لها لهذه المرحلة. وبالفعل يتضمن المسلسل نقلة ما بين الحاضر والماضي الذي يعرض ذكريات كريمة حول طفولتها كَمتسولة ترعرعت في شوارع مصر.
اما فيما خص الموسيقى التصويرية، كانت تعاني مشاهد الانتقال ببن الماضي والحاضر من قلّة المؤثرات الموسيقية واستنزافها في المشاهد ، وذلك بعدم كسر سَلاسة الأحداث باستفاضة دون زرع مقومات مساعدة لدعم الاستفاضة وبالتالي تعريض المشاهد للضياع في الخط الزمني.
مسلسل “من شارع الهرم الى…” مسلسل درامي بامتياز ويظهر ذلك بموسيقى البيانو الحزينة المرافقة للمسلسل. تضمنت الدراما مزيجاً من الكوميديا خاصة في أداء الممثلة نور الغندور كريمة التي كانت الشخصية اللافتة في المسلسل، وقد أشار البعض إلى أن نور لم تتقن اللهجة المصرية ولكان الدور انسب لممثلة مصرية وليس ممثلة مصرية مقيمة في الكويت ، وآخرون قالوا إنها بالغت في أدائها، إلا أنه يمثل شخصية راقصة شعبية.
إذا تمعنّا في حوار ومشاهد المسلسل يتبين لنا أنه عميق، يناقش قضايا خلفتها مجتمعاتنا العربية وليست الكويتية فقط، كالخيانة الزوجية وجريمة الشرف ومعايير الجمال القاسية وتسليط الضوء على حقوق المرأة وغيرها من المواضيع التي يراها البعض تشويهاً لصورة مجتمعاتنا بمجرد عرضها والإضاءة عليها لمعالجتها.