أحمد المالكي| كاتب متخصص بالشؤون الامريكية والعلاقات الدولية
الصين تعتبر تايوان خط احمر ولا يمكن ان تقبل باستقلالها وانفصالها عن الصين وفي نفس الوقت تحاول تايوان من خلال علاقتها مع الولايات المتحدة ان تجد استقلالها بأي طريقة لكن تظل فكرة الصراع بين الولايات المتحدة والصين قائمة رغم محاولات الطرفين ايجاد حل للتنافس بينهما حتى لا يتحول الامر الى صراع وحرب باردة وتدخل تايوان على خط الصراع بينهما وبعد زيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الامريكي السابقة تايوان العام الماضي اشتد الاستعداد الصيني حول تايوان وبدات استعراض القوة ومحاولات صينية لاستفزاز تايوان والولايات المتحدة وتجدد الامر مع زيارة رئيسة تايوان تساي انغ يون إلى الولايات المتحدة والتقت كبار المشرعيين الامريكيين وهذه الايام عادت المقاتلات الصينية لعبور خط الوسط وبحسب وزارة الدفاع التايوانية ٢٥ مقاتلة صينية من طراز سو ٣٠ وجيه ١١ وتجري الصين تدريبات عسكرية بسبب زيارة وليام لاي نائب رئيسة تايوان إلى الولايات المتحدة ورغم ان زيارته إجراء روتيني في طريقه الى الباراغوي كما عبرت عنه الولايات المتحدة وطالبت بالهدوء الا ان الصين ترى ان لاي مثير للمشاكل وتعهدت باتخاذ إجراءات حاسمة وقوية للحفاظ على السيادة الوطنية.
تايوان تعد هامة للولايات المتحدة بسبب الرقائق الإلكترونية التي تدخل في صناعة الإلكترونيات والالات والمعدات التكنولوجية الهامة وايضا شريك اقتصادي وتجاري وعسكري وفي حال اندلاع حرب بين الصين وتايوان سوف تكون العواقب وخيمة على كافة دول العالم وسوف يكون تأثيرها اقوى من الحرب في اوكرانيا ولذلك الولايات المتحدة حريصة على ان تظل الاوضاع هادئة وتدين اي تحرك عسكري للصين يمكن ان يشعل الصراع مع تايوان ويشعل الصراع في مناطق مختلفة في بحر الصين الجنوبي والمحيطين الهادي والهندي وهذا ما تم التأكيد عليه في القمة الثلاثية يوم الجمعة الماضي والتي كانت بين الرئيس الامريكي بايدن ونظيره الكوري الجنوبي ورئيس وزراء اليابان ونددوا بمحاولات الصين تغير الوضع الراهن في بحر الصين الجنوبي والمحيطين الهادي والهندي واتفقوا على عقد تدريبات عسكرية سنويا وتبادل المعلومات الفعلي بشأن تجارب الاطلاق الصاروخي لكوريا الشمالية الذي سوف تجرى نهاية العام الحالي.
الولايات المتحدة لديها تخوف من تحرك الصين باتجاه تايوان واشتعال الصراع بين الطرفين سوف يجعل الولايات المتحدة في موقف الدفاع عن تايوان لحماية مصالحها الاقتصادية والعسكرية مع تايوان ولذلك ليس من مصلحة الجميع فتح هذا الباب لانه خط احمر للولايات المتحدة وايضا للصين كما ان تأثير الصراع سوف يكون اشد خطورة على العالم اقتصاديا لكن الصين غير راضيه بالتقارب بين الولايات المتحدة وتايوان وتعتبر هذا التقارب تعدي على سيادتها الوطنية ولن تقبل بانفصال تايوان عنها حتى لو اضطرها الامر لخوض حربا عسكرية سوف تعود بالضرر على الاقتصاد الصيني الذي تأثر بكوفيد وهذه الحرب سوف تكون اشد من كوفيد ومن اي حرب عالمية.
بايدن يهادن الصين ويحاول التنسيق معها وحل الخلافات في الملفات المختلفة بينما ترامب كان رجل يستهدف الاقتصاد الصيني بطريقة مباشرة من خلال فرض رسوم إغراق على السلع والمنتجات الواردة من الصين الى الولايات المتحدة واتخذت الصين نفس الإجراء وكان ترامب يرى ان الصين تسطو على الملكية الفكرية في الولايات المتحدة اما بايدن يحاول ان يخفف من التنافس ويؤكد من عدم تحول هذا التنافس الى صراع خطير او حرب باردة بين الولايات المتحدة والصين.
التدريبات العسكرية التي تجريها الصين حول تايوان هي تحذير صارم لمن يتولى حكم تايوان سواء في الوقت الحالي تساي انغ وين او في المستقبل وتايوان على ابواب انتخابات رئاسية ويعتبر وليام لاي المرشح الاوفر حظا في الفوز بالانتخابات القادمة واي محاولة لإعلان الاستقلال عن الصين سوف يكون الرد قاسيا من الصين وهذا لا يريده احد وحتى الولايات المتحدة لاتريد إشعال صراع عسكري يعود بالضرر على اقتصادها ايضا وليس الاقتصاد الصيني فقط هو الذي سوف يتأثر وحده لكن إذا لم تحل الولايات المتحدة والصين خلافاتهما سوف تكون تايوان ضحية التنافس بينهما ولااحد يعلم الى اين ستكون عواقب هذا التنافس ؟..خاصة ان الصين اليوم وصلت إلى مناطق حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الاوسط واصبحت الولايات المتحدة تعزز من تواجدها العسكري لحماية مصالحها ام المد الصيني الذي اجتاح العالم ورغم ان الصين ليس لها طموح عسكري في الوقت الراهن الا انها تستطيع حماية استثماراتها عسكريا إذا تعرضت للخطر في اي مكان بالعالم.
الولايات المتحدة ترفض الضغوط التي تمارسها الصين على تايوان وهذا ما اعلنت عنه وزارة الخارجية الامريكية وحثت الصين التوقف عن ممارسة الضغوط العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية على تايوان واعلنت الولايات المتحدة انها تراقب التدريبات العسكرية الصينية حول تايوان وترفض الصين التدخل الامريكي وترى ان الولايات المتحدة هي التي تثير المشاكل وتؤكد ان العالم قادر على الحكم وتحديد من يؤجج التوترات في هذه المنطقة وان هذا يقابل بالمعارضة الشديدة والرفض.
العالم يتابع هذا الصراع ويتمنى ان لا يندلع ونرى صراعا اخر بعد الحرب الروسية الاوكرانية خاصة ان دول العالم الثالث تعاني من هذا الصراع بسبب نقص الحبوب وتحكم طرفي الصراع في توصيل الحبوب إلى الدول الفقيرة ولذلك صراع جديد يعني معاناة اقتصادية كبرى بالإضافة إلى تدمير اقتصادات دول كبرى والولايات المتحدة لاتخطط لهذا الامر في الوقت الحالي والصين ايضا سوف تتوقف عند الاستفزازات العسكرية حول تايوان والحكومة في تايوان تعرف ذلك لكنها تحذر الصين من اي خطوة ومن خطورة التحرك الصيني نحو الجزيرة.
الصين سوف تظل تمارس ضغوطا عسكرية ودبلوماسية واقتصادية ولن تسمح بانفصال تايوان وسوف تظل خط احمر لها وسوف تظل في حالة استعداد عسكري ضد تايوان لمنع استقلالها حفاظا على سيادتها الوطنية والولايات المتحدة سوف تحافظ على الوضع الراهن ولن تقنع تايوان بالتفكير في تغييره حفاظا على مصالحها مع تايوان.
المصدر: حصرًا