التقى الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي، ففوجئوا ببيان أشار إلى أن مباحثات الجانبين “تناولت مواضيع إقليمية ودولية”، وبدؤوا يضربون أخماسهم بأسداسهم لفك “شيفرة” البيان والمباحثات بانتظار كلمة سر أيضاً.
في الأثناء، يتبارى المحللون على شاشات التلفزة في تحليل ما دار في المباحثات السعودية – الفرنسية – الايرانية كما لو أنهم شاركوا فيها، ليخلصوا إلى القول بأن الانتخابات الرئاسية اللبنانية تتوقف على تسوية خارجية تأتي برئيس سيذهب النواب “مثل الشاطرين” للادلاء بأصواتهم لصالحه، فيما البعض الآخر يشدد على أن القرار لبناني محض وأن الداخل هو القادر على صنع هذا الرئيس.
لو صح أن هذا الداخل هو القادر على صنع الرئيس لكان الفرقاء لبوا على الأقل الدعوات المتكررة إلى الحوار، سواء تلك التي كان آخرها دعوة متجددة من الرئيس بري أو المواقف التي تصدر عن رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط التي تشدد على أن الحوار هو الباب الوحيد للخروج من الأزمة، لكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود، فكل فريق متمترس خلف الجدران العالية التي رسمها ولا أحد يريد التنازل، أحدهم بحجة أن مرشحه لا يطعنه في الظهر، والآخر أنه لا يريد أن يفرض عليه مرشح يستمر في سوء إدارة البلاد كما فعل الرئيس السابق ميشال عون.
وأحدث بدع الفرقاء الداخليين هو انتظار ما سيحمله الموفد الفرنسي الجديد لودريان، على اعتبار أن الملف أصبح في عهدته انتقالاً من المسؤول السابق باتريك دوريل، علماً أن الأخير شارك في اجتماع شهدته العاصمة الفرنسية في الأسبوع الماضي لخلية إدارة الأزمة التي شكلها ماكرون، ما يعني من حيث الشكل على الأقل أنه لا يزال يضطلع بمهماته اللبنانية.
الحل لبناني محض، هذا على الأقل إذا كان المسؤولون اللبنانيون يحترمون أنفسهم وجميعهم ينادي بالسيادة والاستقلال، وهذا الحل لن يأتي إلا من خلال حوار جدي ومن دون قفازات أو شروط مسبقة، ففي نهاية الأمر البلد للجميع ولن يديره إلا اللبنانيون أنفسهم، اللهم إلا إذا كانت الدعوات المبطنة التي تصدر من حين إلى آخر تحت مسميات مختلفة من فديرالية أو تقسيمية، تضمر ما لا يظهر في شكلها، فهل الوقت حان لكي يقدم المعنيون كل منهم خطة باتجاه الآخر؟
أما أن يأتي الترياق من الخارج، فلكل دولة مصالحها في لبنان وهي تقدّم هذه المصالح على مصلحة اللبنانيين، الذين ليس عليهم انتظار الحلول الخارجية لأنها وإن كانت في الشكل ستحل لهم معضلتهم، إلا أنها في المضمون ستكون على حسابهم بالتأكيد، فاعتبروا يا أولي الألباب.
الكاتب: صلاح تقي الدين| نقلا عن “لبنان الكبير”.