جبارون في تصنيفاتهم!!

طفل يتعرض للتنمر

منذ خروجنا من ارحام امهاتنا يبدأ الناس بتصنيفنا ،هذا أبيض ،وهذا أبرص ،وهذا زنجي…نكبر قليلا فتوضح ملامحنا اكثر فيصبح التصنيف أكثر دقة ،هذا مشوها ،وهذا أعمى ،وهذا أخرس ،وهذا أطرش… ثم يزداد التصنيف الدقة إلى ان يكتمل فإما أن تكون بنظرهم شخصا كاملا و إما أن تكون ناقصا. هذا التصنيف هو الذي من خلاله يحدد المجتمع علاقته  بك فإما ان تكون شخصا طبيعيا ،و إما أن تكون محط إهتمام للناس ،أو تكون شخصا يستخفون بك و برأيك و بكل ما يخرج منك لمجرد عيب ظاهر فيك لا ذنب لك فيه ، كم هي ظالمة تصنيفات الناس ،وكم ناقصون هم من يصنفون الناس بالنقص؟!

البخيل ،والكاذب ،والظالم ،والغشاش ،والغدار…ألا يمكننا أن نصنف أصحاب هذه الصفات بالناقصون؟! فالناس لا تصنفك إلا بناءا على مظهرك الخارجي ،و يتغاضون عن الجوهر الداخلي الذي يجب أن يكون هو المعيار الحقيقي لتصنيف الناس إذا أرادوا تصنيف بعضهم عن الآخرين.

البذرة الأولى

البذرة التي يجب أن نزرعها في قلوبنا لكي نعوض كل النقص الذي يملأ قلوبنا هي بذرة المحبة التي تنتج شجرة تتفرع منها كل ثمار الإنسانية ،هذه البذرة من الضروري أن تزرع في قلوبنا، فالنور مكانه في القلوب ،و الذي يحب لا يكذب ،ولا يغدر ،ولا يخون ،ولا يظلم ،ولا يطلق تصنيفات يجرح بها الناس.

دعونا ندخل قليلا في أعماق الأشخاص الذين يطلق عليهم ألقاب و تصنيفات جارحة ،هؤلاء الأشخاص منذ دخولهم إلى المدرسة ،و دخولهم لأول مرة إلى الصف و ملاحظة زملائهم أنهم مختلفون عنهم ،هنا تبدأ معاناة هؤلاء الأشخاص .إذا كان أخرس أو يلجلج و سألته المعلمة ما إسمك و لم يستطع الإجابة يبدأ الأطفال الآخرون بالضحك عليه ،و إذا كان وجهه مشوها يضحكون و يسخرون منه  دون حتى أن يتكلم أو يصدر منه أي تصرف غريب.

هذه أولى مراحل التصنيف و أقصاها معاناة و قهرا لطفل لم يبلغ عمر الخمس سنوات ، و يكون محظوظا قليلا إذا كان لديه عائلة تدعمه ،و تتابعه ،وتخفف عنه بعض الآلام ، أما إذا كان لا يملك هذه العائلة الدافئة ،و الداعمة هنا يبدأ بخسارة ثقته بنفسه ، وحبه لذاته ، فيسأل نفسه لماذا الله خلقه هكذا ،و لماذا لم يكن مثل أصدقائه ،و لماذا المجتمع قاسيا عليه و لا يعطيه أي إهتمام ،و لماذا زملائه بالصف لا يلعبون معه ؟؟ ودائما تراه تائها ،سارحا في إختلافه ،و وجعه ، إلى أن يكبر يظل  محكوم عليه  بالذل ،و هنا يقع أمام شقين إما أن يواجه الحياة بصلابة و قوة ،أو أن يعيش وحيدا تائها وسط الدروب.

الذلّ بيعنه حين..

أصبح السائد في مجتمعنا معاملة هؤلاء الأشخاص على انهم أقل منا شأنا ،وهيبة ،وقيمة .إنه الذل بعينه حين أصبحت الناس تذل الناس لمجرد إختلافهم عنهم، و نسوا أن الله لا يرضى الذل للناس ،و أنه نادى بالمحبة ،والعدل ،والرحمة ،و كرامة الإنسان ،لكن الناس دائما ينسون أو يتناسون ماذا علمهم ربهم ،فيتحكمون ببعضهم البعض ،و القوي يستحقر الضعيف ،و في آخر كلماتي لهذا المقال أطلب من الناس بكل محبة إذا لم يريدوا أن يجعلوا من المختلفبن أصدقاءا لهم ، على الأقل يحترموهم و لا يحسسوهم بضعفهم ،و يحتفظوا بتصنيفاتهم لأنفسهم.

انشر المقال
Scroll to Top