مرض الإبتلاء به خطير جدا!!

إذا كنت تريد أن تعرف نعمة الله عليك.. فاغمض عينيك. نعم، إنها حاسة البصر التي نتمنى أن تبقى سليمة مدى العمر، ومع ذلك قد يطرأ أحياناً على هذه الحاسّة ما لم يكن بالحسبان، ومن هذه الأمور “إضطراب عمى الوجوه”، وهو المرض الخفي المؤلم للمريض نفسياً وإجتماعياً أكثر مما هو جسدياً.

مرض”عمى التعرف على الوجوه”، هو عبارة عن اضطراب في الدماغ يجعل من الصعب أو المستحيل على الشخص التعرف على الوجوه، وقد يصعب عليه ملاحظة الاختلافات في وجوه الغرباء أو التعرف على وجوه العائلة والأصدقاء. وفي الحالات الشديدة، قد لا يتعرف الأشخاص المصابون بهذه الحالة على وجوههم في الانعكاس.

وهو مرض غير معدٍ وليس له علاج. يعرّض المريض إلى الحرج في أكثر الأحيان ويجعله يتمنى المكوث بمفرده بعيداً عن الناس كي لا يؤلمهم إن لم يتمكن من التعرّف عليهم، وخصوصاً الأهل والأصدقاء والمعارف في المجتمع، ويقدر الباحثون أن شخصًا واحدًا من بين كل 50 شخصًا قد يعاني شكلاً من أشكال عمى الوجوه. ولهذا المرض حالتان:

  • حالة تطورية: حيث يعجز مرضى هذا النوع عن تطوير قدرات معالجة التعرف على الوجوه.
  • حالة مكتسبة: وهي تتطور في أعقاب حدوث أحد أشكال اعتلالات المخ


ويقول أشوك جانساري، خبير علم النفس العصبي الإدراكي من جامعة “إيست لندن” أن الإصابة بمرض “عمى التعرف على الوجوه المكتسب”، نادر للغاية لأنه نوع خاص من عطب المخ، ويمكن أن تحدث الإصابة نتيجة عطب خلف المخ على الجانب الأيمن.

أسباب هذا الإضطراب ما زالت غير مؤكدة من العلماء، ومن أن الأشخاص الذين يعانون من “عمى التعرف على الوجوه” يولدون به أو يكتسبونه لاحقًا في الحياة. وكما لا يبدو أن الأشخاص الذين يولدون بهذه الحالة يعانون من مشكلة هيكلية في الدماغ ولا يعانون من آفات تشير إلى وجود مشكلة. ويتم احياناً إكتشاف أن الأشخاص الذين يكتسبونه لاحقًا في الحياة لديهم آفات في الدماغ نتيجة لسكتة دماغية أو إصابة في الرأس. وكما تشير دراسة نشرت في المجلة الأمريكية للوراثة الطبية إلى أن الحالة قد تكون منتشرة في العائلات بعدد قليل. واما العلاج فيهدف إلى مساعدة المصابين بهذا الاضطراب على تطوير استراتيجيات أخرى للمساعدة في تحديد الوجوه.

حالات من مرضى “عمى التعرف على الوجوه”

الممثّل الشهيروالوسيم براد بيت،الذي يبلغ من العمر58 عاماً، أعلن مؤخراً في مقابلة مع Esquire عن السرّ الذي كان يخفيه عن جمهوره بأنه مصاب بمرض “عمى التعرف على الوجوه”، وإنه يعاني منه لسنوات، وأن حالته كانت شديدة، وعانى من إحراج كبير في حياته، بسبب إخفاء مرضه عن الناس لدرجة أنه لم يكن يريد الخروج في الأماكن العامة، وكان يفضّل البقاء في المنزل. وقال:”إن الكثير من الناس كانوا يكرهونني لأنهم يعتقدون أنني لا أحترمهم، ولكن بعد الإصابة بسنة قررت أن افصح عن هذا الأمر وأقوم فقط بالتعامل معه.. وأن أقول للناس بلباقة:” حسناً ، أين التقينا؟…ولكن الأمرأصبح أكثر سوءاً، لقد شعر الناس بالإهانة أكثر، وبين الحين والآخر، كنت أشعر بأن أحدهم سيضربني بالحزام، وسأقول له شكراً لك على مساعدتي، وكنت أحسُّ أنني أغضب المزيد من الناس، لأن حالتي دفعت البعض إلى الاعتقاد بأنني مغرور أو وقح ولكنني بقيت لغزاً بالنسبة لهم”.

تخيل يوماً أنك عاجز فجأة عن التعرف على والدتك وأهلك وابنك…تراهم، لكن مخك لا يؤدي عملية استرجاع المعلومات كما ينبغي، وأنت لا تعرف إذا كانوا يضحكون أم لا، كما لا تستطيع فهم ما يشعرون به. وهذا ما حدث مع ديفيد بروملي بعد أن أصيب باعتلال بالمخ جعله يصاب بمرض”عمى التعرف على الوجوه. وقال:”لست أدري ما الأمر، لست قادراً على التعرف على الناس، ولا التعرف على أي أحد، وأن أسوأ ما في الأمر هو الإحراج الإجتماعي، وكما كنت أتعرف على زوجتي إذا وصلت إلى المنزل لكن إذا مرت إلى جواري في الشارع لا أدرك ذلك ولا أتعرف عليها إلا إذا تم ذلك باتفاق مسبق”.

ولد ديفيد في “إسكس” مصاباً بتلف في احدى عينيه نظراً لتداخل بين الشرايين والأوردة، مما تسبب بحدوث فقدان جزئي للرؤية وعطب في المخ وهو ما أفضى إلى الإصابة بمرض “عمى التعرف على الوجوه”. وعن كيفية اكتشاف مرضه، قال ديفيد: “ذهبت إلى لقاء لمّ شمل حيث رأيت أصدقاء لم أرهم منذ 30 عاماً وكنّا في الماضي من الأصدقاء الحميميين، لكننا تفرقنا، وبعد اللقاء قلت لشقيق زوجته ونحن في الطريق إلى المنزل “لم يتغير فراك ومايكي، فما زالا يحتفظان بشبابهما”.إن ما رآه ديفيد هو ذاكرته لأصدقائه في الماضي. وقال “أخبرتني ذاكرتي بحالتهما وملامحهما، لكن ذلك لم يكن واقعاً”. واكتشف بعد ذلك أنه مصاب بعمى التعرف على الوجوه. ويستطيع ديفيد أن يرى الناس بوضوح شديد، لكن بعد 10 أو 15 دقيقة لا يمكنه التعرف عليهم. ويقول “إذا تجاهلتك، فلست متعجرفاً، إنما أعذرني لم اعرفك”..

ساندرا: مصابة بمرض التهاب الدماغ

أما ساندرا، من لندن، فهي الأخرى تخشى من الإحراج الإجتماعي، لأنها مصابة بمرض التهاب الدماغ منذ 14 عاماً مما تسبب في إصابتها بعمى التعرف على الوجوه . وهي تعمل مدرّسة وتخفي مرضها عن الجميع. قالت: “إن رأيت شخصاً ما يومياً، يمكنني التعرف عليه، وإن قال أحد الأطفال لي مرحبا في الشارع، أعرف أنه أحد التلاميذ من المدرسة، لكني لا أعرفه شخصياً، ولا أقول شيئاً للأطفال، إنما أعمل يومياً للتعرف على وجوههم، ربما يكمن السبب في عدم إفصاحي بذلك لأنني لا أرغب في أن يعتقدوا أنني غير قادرة على العمل، لأن ذلك ليس حقيقياً فلست راغبة في الشعور بالخجل أو في اعتقاد من حولي أن هناك شيئاً غير طبيعي”.

ويتفهم جانساري شعور ومخاوف ديفيد وساندرا. فهو يعرف حالات يفقد فيها أناس وظائفهم بسبب الإصابة بهذه الحالة المرضية، من بينها معلم كان يجد صعوبة في التعرف على التلاميذ، وهو ما كان يسبب مشاكل عندما كان يأتي أولياء الأمور لاستلام أطفالهم في نهاية اليوم. وعلى الرغم من عدم الاعتراف بالمرض كنوع من الإعاقة، يعتقد جانساري أنه ينبغي أن يعامل هكذا في بعض الحالات. وقال: “حالة عمى التعرف على الوجوه المكتسبة، حالة لا علاج لها، فبمجرد تلف جزء من المخ، لا يمكن نموه مرة أخرى، لذا يصبح من المستحيل معالجة المشكلة”. وأضاف: “أما حالة عمى التعرف على الوجوه التطورية، فنحن لا نعرف أسبابها، لكن من المفترض أن نعرف في المستقبل إن كان هناك أي سبب وراثي يمكن تصحيحه، لكنه شوط طويل للغاية”.

انشر المقال
Scroll to Top