عامر خضر آغا
تلاشت الآمال المعلَّقة على إعادة إحياء الاسواق اللبنانية في بداية موسم الاعياد هذا العام، فباستمرار الانهيار الاقتصادي الأكبر في تاريخ البلاد وركاكة القدرة الشرائية المصفَّدة بالغلاء الفاحش للحد الأدنى من احتياجات اللبنانيبن ، رسَّخت التصعيدات العسكرية على الحدود الجنوبية اللبنانية الشلل شبه الكلي للأسواق اللبنانية في موسم الاعياد الراهن وما تبقى من مواسم سياحية أخرى .
تبدَّت الغيوم السوداء على الأعياد في آفاق الأسواق اللبنانية بالتصاعد الدراماتيكي للاشتباكات في الجبهة الجنوبية ما أدى بشكل لافت إلى تراجع نسب الحجوزات في الفنادق اللبنانية قبل عملية “طوفان الأقصى”
وتطور الاحداث في الجنوب ،فقد أعلن رئيس اتحاد النقابات السياحية ورئيس المجلس الوطني للسياحة بيار الأشقر أنَّ نسبة الحجوزات قبل بدء معركة “طوفان الأقصى” ترواحت بين 30% إلى 40% بينما في الوقت الحالي باتت تترواح بين الصفر إلى 10 % وهو ما أدى في سياق متصل إلى انخفاض حجوزات السفر إلى لبنان ، وبالتالي فإنَّ الحركة السياحية للأجانب وللمغتربين اللبنانيين في الظروف الأمنية الآنية أضحت شبه معدوة بالقدرة التشغيلية والمادية المحدودة لمختلف المؤسسات السياحية في تأمين مسلتزماتها الرئيسية وتطوير انتاجيتها ، إضافةً إلى الانسياب المتفاقم للرساميل الأجنبية والمحلية وغياب الاستقرار السياسي والاقتصادي.
عربيد: الواقع الاقتصادي اليوم يعاني من ركود كلي نحو الكساد
أشار رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي شارل عربيد لموقع “حصرًا” إلى أن، “نسبة النمو الإقتصادي تراجعت أكثر بعد حرب 7 تشرين الأول، وبالتالي ان الواقع الاقتصادي اليوم يعاني من ركود كلي نحو الكساد ونحن في وضع اقتصادي مأزوم دون أي معالجات تذكر نظرًا لعدم وجود استقرار سياسي وغياب انتظام العمل السياسي. ويجب علينا الآن الابتعاد عن الانتقال إلى اقتصاد حرب وأن نبقى محافظين على وضعية إدارة الأزمات، الأمر الذي يتطلب حدًا أدنى من الاستقرار والثقة بالداخل بتهدئة الخطاب السياسي والذهاب جديًا إلى إدارة الأزمة بالحلول المناسبة وهذا يعتمد على الوعي السياسي والحرص على الوضع القائم بحلحلة كل الاستحقاقات السياسية العالقة، ولإعادة تشغيل الاقتصاد فذلك مرتبط بانتظام العمل العام وانتخاب رئيس للجمهورية وإعادة تشغيل القطاع العام وتحسين القطاع الخاص ووضع حد أدنى من الجو الإيجابي في البلد لكي يعود لبنان مستقرًا وجالبًا”.
أدت الحكومة اللبنانية واجبها على أكمل وجه في نسف القدرة الشرائية للمواطن اللبناني مخلفةً أعلى معدلات التضخم المالي في العالم بعد رفعها المتراكم للدولار الجمركي، ما حذى بالمواطنين إلى اتخاذ حسابات معقدة وخيارات صعبة في ترشيد استهلاكهم للبضائع بين شراء الأرخص منها او شراء تلك المستدامة إلى أمد طويل أو تلك المتعددة الاستخدامات.
وأضاف عربيد “نتابع موضوع الضرائب التي أقرت في الموازنة ونقاط تعديلها بناءً على عدة لقاءات تشاركية وحصل آخرها مع رئيس لجنة المال والموازنة ورئيس لجنة الاقتصاد والهيئات الاقتصادية واتحاد العمال وكان الحوار مفصلاً وأخذ رئيس لجنة المال والموازنة كل الملاحظات والتي كان مضمونها أنه لا يجوز تحميل اقتصادنا أعباء زائدة ولا يجوز تحميل لا صاحب العمل ولا العامل ضرائب ورسوم قبل منع التهريب والتهرب وضبط الحدود وعودة الحركة الاقتصادية وحركة الاستهلاك الداخلي اي عودة عمل المحركات الاقتصادية تجبنًا للمزيد من ارتفاع نسب الفقر المتزايدة على نحو متصاعد في اقتصاد متعثر، المؤسسات فيه متوقفة عن الانتاج والعمل وبالتالي يجب تحقيق نسب نمو ملموسة اولاً”.
فقدت الأسواق اللبنانية المهمة والشرعية قيمتها وقلل تدريجيًا من نوعية بضائعها وخدماتها وثبط بصورة ملحوظة من قدرتها الاستيرادية لكل البضائع الجديدة والمعاصرة و التي تتمتع بجودة عالية، ما افقدها سمتها الغنية والنوعية في عرض البضائع الباهرة والنفيسة التي اعتاد اللبنانيون على شرائها قبل حدوث الأزمة الاقتصادية وتصاعدها بحجم كارثي ما جنح بالمغتربين والسياح الأجانب إلى حرف وجهتهم عن هذه المؤسسات التي تشكل أساس السوق اللبناني والتي أصبحت تفتقر لأدنى مقومات المنافسة في السوق فلم تعد قادرةً على أن تقاوم رفعها الهائل للأسعار ببضائع فقدت أصالتها ثقة المواطن فيها، وباندثار هذه الأسواق حلت مكانها أسواق البالة التي باتت تبتاع المواطنين البضائع ذاتها بأرخص الأثمان مقارنة بالأسعار الحالية في الأسواق العادية، والأسواق التي تبيع المواطنين تلك البضائع والسلع الفاخرة بأسعار عالية جدًا او خيالية ، لتصبح الأسواق الجديدة في لبنان قائمة على أنقاض الطبقة الوسطى ، فإذا أراد التاجر أن يؤمن استمراريته في السوق إما أن يستورد الضروريات بكميات محدودة أو استيراد تلك البضائع الباهظة وبيعها لفئة معينة من المشتريين .
وأفادت موظفة في أحد متاجر الألبسة في إحدى الشوراع الراقية في طرابلس لموقع “حصرًا” أنَّ المبيعات في الفترة الحالية مجمدة بميل الزبائن إلى البضائع التي تباع في محلات الألبسة المستعملة وذلك عائد إلى عدم قدرتنا على تصريف البضائع الموجودة والتي لم يستطع الناس شرائها حتى بعد التخفيضات المعروضة عليها،عدا عن كون البعض منها لم يعد يرقى لأزواق من يلحقون الموضة فهذا النوع من البضائع تم تخزينه لفترات طويلة دون أن يصرَّف بالشكل المطلوب”.
المصدر: حصرًا